الأحد، 19 فبراير 2012

أوراق رمـاديـة

عندما تركوني وسط الرماد .. 
أحصي أعداد الجراح بعد موسم الدموع البعيد
كانت القصة لم تولد بعد في برزخ الفجيعة .. 
ولم أعلم حقيقة ذلك الصمت الذي خبأته في طيات ثوبي الممزق حتى لا يراه اللصوص فيسرقونه ... 
مثلما سرقوا بقية إبتساماتي البلهاء التي كتبتها في دفتري الملون عندما كان للحياة صور ليست مربوطة بهذا القفر المعتم ..
ودون أن أدري انكمشت في هلع أطارد الزوايا .. 
في محيط ذلك السجن الذي يقتات مني كلما غابت مراسيم هذياني في تلك البقيعة الرمادية من أقصى ممالك ذكرياتي التي لم تكن لي في يوم من الأيام ..
أجر الخطى إليك وأمد كفي نحوك والمساحة يكسوها البياض فترتد إلي صفعات من الظلام .. تهدم على رأسي إكليل الأحلام
يا سيد اللحظة .. 
كم ألبستك الثياب وكم نزعتها عنك في جنون .. 
وكم كنت نجما هنديا وسيما ثم أراك بعدها رويعياً بدوياً أهوج .. 
ولا أمتطي خلفك قوافل النور إلا على سجود من صلاة خرساء .. 
صلبوها في ضلوع تلك الصبية النجلاء التي تعرفها ..
يا سيد اللحظة .. وأمير اللحظات .. 
معطفك الرمادي هاجس أتلحف به كلما أعياني الضحك .. 
وكلما حاولوا اقتحام قارورتي البيضاء .. 
يا سيد الكلمات .. 
لماذا تغتصبني بصمتك النازي .. 
وترتع في أحشائي بتلك الوريقات الملونة من كراستي القديمة
كيف تنهض على أشلاء حلم .. وتنبت في نظرة جنون .. 
كيف تشطبني ثم تكتبني ثم ترميني بكل صلف وبلا رحمة ..
ألا يكفيك أنني أتحسسك بأمل وسط الأمل ! ..
ألا يرضيك أنني معك أنتفض في أنوثتي بلا خجل .. !!
لمستك الباردة .. ربيع خصيب تذوي معه قبائل الجدب في زحام الوهن العصيب لكوكب ماعاد فيه .. سوى تنهيدة  حمراء يرسمها الخجل .. 
أجل .. أحبك .. 
وإن لم تكتمل ملامحك .. 
وإن لم تعرفك الجوازات والمطارات .. 
وحتى لو لم يسجلونك في دفتر الحياة .. مثل بقية البشر ..
يا دفتري الملون .. ويا هدأت الرغبة على نهد بلله المطر ..
أنى يرسمونك .. وفي خافقي منك وجل ..
ثقب الباب ينسلون منه في عجل .. 
والشرخ يغادر الصحيفة .. 
وفنجان القهوة سرقته علبة الشوكولاتة البيضاء 
التي خامرتها أنفاسك في لهفة الأمل ..
يا سيد اللحظات .. 
لو تعلم كم أخشى أن تكون من لحم ودم ..
ثم لا أسافر معك في أعماقي .. 
ثم لا أجدك في أحداقي .. يا سيد اللحظات ..
أريدك ولكن ليس من لحم ودم .. !! ..
لا أريد أن تموت حرائقي .. ولا أن تخبو حروب ضلوعي .. 

ولا أن يتجرد نهدي منك بعد أن تذيقني هزائم الألم ..
أيعقل أن أختلي بك وأن تملكني وأنجب منك أطفال الهذيان
 وأبقى على ناصية هذا الحلم .. 
أيعقل أن أسكبك في كأس لحم ودم
يا سيد اللحظات .. خمائلي ماتت .. وأفاقت على جيوش معطفك الرمادي .. 
وتنهيدة الفجر غالبها الردم ..
يا سيد اللحظات لا تبتعد خارج ملامح هذا الصقيع .. 
إنني شاحبة خوفاً .. ضائعة نبضاً .. هائمة عشقاً .. 
والدفتر المسكين ينتحب في جنون مثل ثكلى فقدت كل أساورها 
وسرقت منها أسراب اليمام كل ضفائرها .. 
ونزعوا عنها خمارها وثوبها .. 
وأنزلوا في أشطانها رماح الوحدة التي لا تبقي ولا تذر ..
يا سيد اللحظات .. لا تتوقف ..
ارتعادي شموخ .. 
ودموعي أنوثة .. 
وصراخي انتصار .. فلا تتوقف ..
ولا تيأس ..
 لربما أمرت سحرتي وكهنتي .. 
أن تكون يمزجونك ببقية من حليب مزاجي وعقيق نهدي .. 
فتكون من لحم ودم

عبيد خلف العنـزي – البارون
19/02/2012م

الأربعاء، 8 فبراير 2012

الــعـــروة الــثــكــلــى

إشبينة الإيقاع المكدس في قارورة هذا الفجر الذبيح معقودة الشرف على (ترويقة ) الخبز..
 وغفوة الجوع عند ناصية هجرة النورس تذاكرين المساء قبيلة الضياء..
 وتحملين السماء على نهد الكستناء ثوبكِ الفضي ..
يتشقق عن بيضة حسناء ويرتمي فوق النجمات يراقص الفضاء ..
ثوبكِ النيزكي .. بطاقة خرساء ..
تحتمي بجفن السفر .. وتمرغ هامة الصبح .. ببقية البكاء ..ذاك الزمن الذي بات يندى منكِ ..
ذاك الرجل الذي أضحى غريباً عنكِ وتلك الأمنيات البلهاء ..
كانت كلها .. باقة نهروان .. لإكليل برزخ الليلك المذاب على أول دغدغة شفتيكِ الملساء .. أي إيمان ٍ ..
أي كبرياء !!ما بقي بعد أن أزفت آزفة الجدب .. كسرة حمراء ..
ولا قطرة صفراء ..محترق هذا اللاهوتي الأصم .. ديدنه الغناء .. محترق هذا الليل اليتيم .. عروته ثكلى بالبـِغـَـاء .. مهجة هذا اليم .. دمعة سوداء ..
ورعدة العـُـتـم .. رشفة خرقاء .. مبعثرة الخطوط الصهباء ..
يا خميلة النرجس .. ودقدقة الشوكولاته البيضاء ..لا ترتسمي عند أرداف المطر .. جوقة حمراء ..
ولا تنتصبي على بقية الخدر ..وردة بيضاء ..
إن السماء .. تشتكي السماء .. إن الضياء يندب جنازة الضياء .. إن الخريف .. يكتب وصية الشتاء .. أيتها العروة الثكلى .. بالنساء .. ما بعد البقاء .. إلا الغناء ..
وما في السماء .. سوى البكاء ..محمومة ليلة النهد الخائر القوى ..في حضرة الكستناء ..


عبيد خلف العنزي- البارون


بـــدأ الـــزحــف

بدأ الزحف

وبدأ الزحف ..
على الكوع .. وفوق الجمر ..
ساعة الصفر .. ذروة الدم ..
غاية الرعب .. رقصة الهم ..
بدأ الزحف ..
خميصة ودينار ..
وعفريت ونار ..
بدأ الزحف ..
من جيش الشمال .. إلى قلعةِ إبليس .
حافية رغبة البسوس .. هذا المساء ..
عارية هي فينوس .. مثل قدحٍ من كبرياء ..
ركلته قدمي .. ذات مساء ..
بدأ الزحف ..
إلى جرهد .. وحتف سرهد .. وهدم كربلاء ..
رمحي مخضبة بالعار .. والعُري .. والهُراء ..
زَحفاً يا أهل الحِيرة ..
مسيرةُ هذا الصقيع .. تبدأ بالخُيلاء ..
موت يزحفُ دون بكاء ..
قدر مصلوب في ثلةٍ من الحمقى
وأسمالِ خنساء ..
بدأ الزحف ..
وقصيدة الدمِ اليوم ..
تركب حمار الدهاء ..
نمرود في صدري ..
لا يرضى بغير العوسج عرشاً ..
على رأس السماء ..
وحرير يلف درتي .. كالسيف العاري ..
يلسع أكباد النساء ..
بدأ الزحف ..
يا أمةَ البُكاء ..
ضرغام عَدَى في صوحةِ اليَم ..
مراسيل النوى ..
هداة الغيث .. في جهد البلاء ..

بدأ الزحف ..
كبرياء ..
عندما ينحني الملك ..
قمةُ الكبرياء ..
بدأ الزحف ..
وإستوت لي الأبجدية ..
في كأسٍ من الماء ..
ورقصة جاريةٍ مجوسية ..
في عُنقِ الهِجاء ..
بدأ الزحف ..
أطيعوني ..
ما أطعتُ حروفي فيكم ..
يا أصنام الصنوبر .. وأردام الرهبان ..
وجماجم الأذكياء ..
بدأ الزحف ..
ازحفوا .. بين هاجسي
وتحت ريشتي ..
وعند قدمي هذا الفضاء ..
زحفاً تعالوا ..
واقتسموا خبز الزمهرير ..
ولكم فقط .. شَربةُ ماء ..
بدأ الزحف ..
كفي تغتال هذا الحضور ..
وتبعثُ من فَلكِ العيون ..
إحدى النساء ..
يا أرض الأجداد ..
كيف للقردِ أن يركب الشمس .. !؟
ويرمي بقاياه من على ردحٍ في صرخةٍ صماء ..
بدأ الزحف ..
يبقى الأسد .. ملك الغاب
مهما راقت لنا الأسماء


 عبيد خلف العنزي ( الــبــارون )