حاولت أن أكتب خاطرة اليوم بل حاولت نظم قصيدة ..
ولكنني فشلت ربما لأن مشاعري لم تسعفني في هذا الأمر أو ذاك ..
لست أصدق أن ثلاثة أشهر مرت هكذا وأن هذا الأربعاء هو آخر يوم عمل لزميلتنا تغريد السعيدان..
صدقوا أو لا تصدقوا الكل يعلم أن لدي عقدة رهيبة من السعوديات في كل بيئة عمل وهي عقدها ثبتتها التجارب ورسختها المواقف ..
ثم إلتقيت بتغريد في أواخر ديسمبر من عام 2011م عندما بدأت دورتها التدريبية ومدتها ستة أسابيع ثم غادرت وعادت لتكمل معنا مشوار الإمتياز لمدة ثلاثة أشهر ..
وهنا عرفت تغريد الإنسانة .. تلك الطفلة في جسد أنثى جميلة يافعة .. تلك المرأة في جسد الفتاة ..
لم تكن تغريد من تلك النوعية التي عرفتها في أغلب السعوديات حين يدخل بيئة العمل وفي رؤوسهن فكرة وحيدة ( أن أي شخص يعمل معها ويعاملها بطريقة مهذبة لابد أن يكون له هدف ) بالعربي العامي ( يتميلح ) فتكون النتيجة أجواء مشحونة بالتوتر تستمر حتى تتحول الى أخطاء في العمل وانفعالات سخيفة وهذه نظريتي التي كانت تغريد الإستثناء الأكبر فيها حيث تعاملت معنا جميعا كما لو كانت مع مثيلاتها في روضة الأطفال ..
تضحك وتداعب زميلاتها الممرضات وتشارك في مناسباتنا وتنشر البهجة في يوم العمل داخل عيادة الجراحة .. !!
تغريد إستثناء حقيقي بكل المقاييس تجلس معها فتحس أنك مع أحد رفاقك بنفس ( المزح والتريقة ) بل ونفس التعليقات و ( الذب والطقطقة ) مما يجعل المسألة في غاية البساطة ..
تخجل من الإطراء كأي أنثى ناعمة .. وتقف مع الحق كأنها سد منيع .. بسيطة في مفرداتها .. عميقة في علاقتها بالجميع ..
تجيد التصنيف ووزن الأمور بشكل يتناقض تماما مع كونها أنثى جميلة وشابة حالمة ورومانسية ..
لم أملك إلا أن أحبها بكل ما فيها .. وبطريقة تختلف تماما عن الطرق التقليدية .. لأنها علمتني أن أحبها كما تريد هي وليس كما هو حال الرجل الشرقي من نمط فارس بني عياد حين يكون الحب عنده مذله وجنونا وبعثرة لماء الوجه في سبيل الحصول على متعة عابرة او علاقة مزاجية يحقق من خلالها نزواته..
وتعلمت وأنا في السادسة والثلاثين من هذه الصبية العشرينية كيف أحب بما يليق بي وليس بما يجب أن يكون ..
تخيلوا .. علمتني أن أحبها وأن اكون صديقها وأن اكون أيضا صاحبها المخلص ..
وجعلتني أتقبل مزاجيتها وأطوارها بكل إقتدار ..
فكانت بكل المقاييس الإستثناء الحقيقي في عالم النساء ..
لم تحاول أن ترغمني على مسارها بل جعلتني أفعل ما أشاء .. فأثور عليها .. وأهاجمها فتصمت وتترك لي مساحات الأفكار لأعود لها مثل الطفل الصغير ( أتحجج ) بالعمل حتى أكلمها فتخفض أهدابها الجميلة في فهم وكأنها ( حكيمة زمانها ) ثم تترقب خطواتي وبمجرد أن ترى ميولي العدوانية الى العودة الى الهيمنة الشرقية..
تجلس معي وتحاصرني بأفكارها في كبرياء وتحدد المواقف وتحاسبني وتجلدني بل وأكثر من ذلك .. تشرح لي أهوائي وتضع القوانين لتعاملاتنا وتحدد صلاحياتي في منطقة نفوذها العاطفي بل وتتمادى بأن تنزع مني بعض الإمتيازات نظرا لسلوكياتي ..
كل هذا وأنا أبتسم وأتعلم ..اليوم حملت حقيبتها وغادرت المكان ومعها مضت أيام سعيدة وفناجين قهوة تشاركنا معا حلوها ومرها .. اليوم غادرت تغريد وفي أعماقي ألف ألف سؤال عن اللقاء القادم .. هل سيكون أم لن يكون ؟ ..
تلك الفتاة المثقلة بالأحزان والتي علمتني تفاصيل الإبتسامة وروح الصحبة غادرت تسكب دموع الفراق علينا جميعا في العيادة .. وكانت مرة من المرات القليلة التي أنزوي فيها دامعاً لفراق أحدهم فمن دمعت عيناي من أجلهم معدودين على أصابع اليد الواحدة وتغريد منهم بكل تأكيد ..
عصفورتي الصغيرة .. سأفتقدكِ ..
بل لن أبالغ لو أخبرتكِ أنني إفتقدتكِ فوراً بمجرد إنصرافك اليوم وتلك الغصة الثقيلة مع لواهب الدمع ستبقى لكِ دوما في كل فنجان قهوة شكولاته ساخنه شربناه معا وكل أكواب ( بارنيز ) ستذكركِ بي وسأتذكرك بها لأنكِ بكل المقاييس إستثناء ..
أتمنى لكِ دوما قمة السعادة .. وراحة البال .. يا عصفورتي الصغيرة .. رافقتكِ السلامة ..
قد تجمعنا الأيام ثانية .. وقد لا نلتقي .. الله أعلم ..
إنما سيكون البارون كما تريدين .. وسيكون فخوراً بأنه تعلم منكِ أكثر مما علمكِ ..
لن أنساكِ ما حـيـيـت وستبقين ما بقي في القلب خفق يا نبعة العشق ..
أنتِ حقاً تؤكدين لي أن الملائكة لا تزال تسكن الأرض ..
بكل إخلاص : عبيد خلف العنـزي - البارون
16 مايو 2012م
ولكنني فشلت ربما لأن مشاعري لم تسعفني في هذا الأمر أو ذاك ..
لست أصدق أن ثلاثة أشهر مرت هكذا وأن هذا الأربعاء هو آخر يوم عمل لزميلتنا تغريد السعيدان..
صدقوا أو لا تصدقوا الكل يعلم أن لدي عقدة رهيبة من السعوديات في كل بيئة عمل وهي عقدها ثبتتها التجارب ورسختها المواقف ..
ثم إلتقيت بتغريد في أواخر ديسمبر من عام 2011م عندما بدأت دورتها التدريبية ومدتها ستة أسابيع ثم غادرت وعادت لتكمل معنا مشوار الإمتياز لمدة ثلاثة أشهر ..
وهنا عرفت تغريد الإنسانة .. تلك الطفلة في جسد أنثى جميلة يافعة .. تلك المرأة في جسد الفتاة ..
لم تكن تغريد من تلك النوعية التي عرفتها في أغلب السعوديات حين يدخل بيئة العمل وفي رؤوسهن فكرة وحيدة ( أن أي شخص يعمل معها ويعاملها بطريقة مهذبة لابد أن يكون له هدف ) بالعربي العامي ( يتميلح ) فتكون النتيجة أجواء مشحونة بالتوتر تستمر حتى تتحول الى أخطاء في العمل وانفعالات سخيفة وهذه نظريتي التي كانت تغريد الإستثناء الأكبر فيها حيث تعاملت معنا جميعا كما لو كانت مع مثيلاتها في روضة الأطفال ..
تضحك وتداعب زميلاتها الممرضات وتشارك في مناسباتنا وتنشر البهجة في يوم العمل داخل عيادة الجراحة .. !!
تغريد إستثناء حقيقي بكل المقاييس تجلس معها فتحس أنك مع أحد رفاقك بنفس ( المزح والتريقة ) بل ونفس التعليقات و ( الذب والطقطقة ) مما يجعل المسألة في غاية البساطة ..
تخجل من الإطراء كأي أنثى ناعمة .. وتقف مع الحق كأنها سد منيع .. بسيطة في مفرداتها .. عميقة في علاقتها بالجميع ..
تجيد التصنيف ووزن الأمور بشكل يتناقض تماما مع كونها أنثى جميلة وشابة حالمة ورومانسية ..
لم أملك إلا أن أحبها بكل ما فيها .. وبطريقة تختلف تماما عن الطرق التقليدية .. لأنها علمتني أن أحبها كما تريد هي وليس كما هو حال الرجل الشرقي من نمط فارس بني عياد حين يكون الحب عنده مذله وجنونا وبعثرة لماء الوجه في سبيل الحصول على متعة عابرة او علاقة مزاجية يحقق من خلالها نزواته..
وتعلمت وأنا في السادسة والثلاثين من هذه الصبية العشرينية كيف أحب بما يليق بي وليس بما يجب أن يكون ..
تخيلوا .. علمتني أن أحبها وأن اكون صديقها وأن اكون أيضا صاحبها المخلص ..
وجعلتني أتقبل مزاجيتها وأطوارها بكل إقتدار ..
فكانت بكل المقاييس الإستثناء الحقيقي في عالم النساء ..
لم تحاول أن ترغمني على مسارها بل جعلتني أفعل ما أشاء .. فأثور عليها .. وأهاجمها فتصمت وتترك لي مساحات الأفكار لأعود لها مثل الطفل الصغير ( أتحجج ) بالعمل حتى أكلمها فتخفض أهدابها الجميلة في فهم وكأنها ( حكيمة زمانها ) ثم تترقب خطواتي وبمجرد أن ترى ميولي العدوانية الى العودة الى الهيمنة الشرقية..
تجلس معي وتحاصرني بأفكارها في كبرياء وتحدد المواقف وتحاسبني وتجلدني بل وأكثر من ذلك .. تشرح لي أهوائي وتضع القوانين لتعاملاتنا وتحدد صلاحياتي في منطقة نفوذها العاطفي بل وتتمادى بأن تنزع مني بعض الإمتيازات نظرا لسلوكياتي ..
كل هذا وأنا أبتسم وأتعلم ..اليوم حملت حقيبتها وغادرت المكان ومعها مضت أيام سعيدة وفناجين قهوة تشاركنا معا حلوها ومرها .. اليوم غادرت تغريد وفي أعماقي ألف ألف سؤال عن اللقاء القادم .. هل سيكون أم لن يكون ؟ ..
تلك الفتاة المثقلة بالأحزان والتي علمتني تفاصيل الإبتسامة وروح الصحبة غادرت تسكب دموع الفراق علينا جميعا في العيادة .. وكانت مرة من المرات القليلة التي أنزوي فيها دامعاً لفراق أحدهم فمن دمعت عيناي من أجلهم معدودين على أصابع اليد الواحدة وتغريد منهم بكل تأكيد ..
عصفورتي الصغيرة .. سأفتقدكِ ..
بل لن أبالغ لو أخبرتكِ أنني إفتقدتكِ فوراً بمجرد إنصرافك اليوم وتلك الغصة الثقيلة مع لواهب الدمع ستبقى لكِ دوما في كل فنجان قهوة شكولاته ساخنه شربناه معا وكل أكواب ( بارنيز ) ستذكركِ بي وسأتذكرك بها لأنكِ بكل المقاييس إستثناء ..
أتمنى لكِ دوما قمة السعادة .. وراحة البال .. يا عصفورتي الصغيرة .. رافقتكِ السلامة ..
قد تجمعنا الأيام ثانية .. وقد لا نلتقي .. الله أعلم ..
إنما سيكون البارون كما تريدين .. وسيكون فخوراً بأنه تعلم منكِ أكثر مما علمكِ ..
لن أنساكِ ما حـيـيـت وستبقين ما بقي في القلب خفق يا نبعة العشق ..
أنتِ حقاً تؤكدين لي أن الملائكة لا تزال تسكن الأرض ..
بكل إخلاص : عبيد خلف العنـزي - البارون
16 مايو 2012م