الخميس، 21 يونيو 2012

مـــحـــمـــد ( صلى الله عليه وسلم )

الناس في كافة المعايير أمة واحدة من جنسٍ تجتمع على الجاهلية وعبادة اللذة العاجلة والمشاعر تندرج عندهم في بطونهم وغرائزهم ..
وذلك مسار تحولت إليه البشرية بعد عهد محدود بعد آدم عليه السلام .. ثم أرسل الله الأنبياء والرُسل فتفرق القوم إلى مؤمن وكافر به تعالى ثم صاروا طوائفاً وشِيَعَاً وأحزاباً وتدريجياً عادوا الى الجاهلية الأولى ونخرهم الجهل فعادوا الى عبادة الأصنام التي لا تُغني ولا تُسمن من جوع ولا تقدر حتى على حماية نفسها ..
وبالحديث عن الجاهلية سنجد أن جاهلية القرن الحادي والعشرين هي أقسى أنواع الجهل التي تؤمن بالعِلم المادي وتتبجح بالتقنية والبناء والفضاء حتى أن البعض وصل به الغرور إلى محاولة محاربة الموت وتحقيق الحلم الغبي العريق .. الخلود
واليوم هؤلاء المتحضرون يبتسمون في سخرية عندما يشاهدون من يصوم ويصلي
وتدريجياً بدأ سواد عظيم من الناس لا يؤمن بالغيبيات ويعتبرها من أساطير الأولين لا تصلُح إلا لأفلام هاري بوتر وملك الخواتم وتأملوا قول زعيم من زعماء الليبرالية السعودية الجوفاء وهو عثمان العمير حين قال مؤكداً أن الطب سيجد حلاً لمنع الموت  ..
ثم بدأت حركة تيارات ( الإستحمار ) والجاهلية التي تـسـتـرت تحت كثير من المسميات مثل الليبرالية والعلمانية والشيوعية وغيرها مما لا يتسع المجال للحديث عنها لأنها أقل من محور هذا الطرح ..
هذه التيارات وصلت بها الصفاقة الى تجريد النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أية صفاتٍ سماوية أو هِبَاتٍ إعجازية .. وتمادى البعض منهم في الغِي ليصل الأمر ببعض من الليبراليين إلى وصفه بأنه رجل خبيث شديد الذكاء جلس في غار حِراء ودرس أحوال قومه ( قريش ) ثم وضع مخططه الكبير وسماهُ ( الإسلام ) عبر فصول مسرحية انطلت على ناسٍ كُثر لتُنجِبَ هذه الحركة التي يعتبرونها حركةً سياسية ( الإسلام ) وهي عِندَهم حركة تفرض القيود على الحرية والإنسانية وهذا بكل صدق ( أصارحكم ) يدعو للشفقة عليهم عندما نتأملهم وهم يتدنون الى مستوى  بهيمي خارج عن نطاق العقل ..
عندما تقولون أن الصهيونية أو الشيعية أو الشيوعية حركات سياسية .. سأقول نعم وهي بائدة وعنصرية وضد الإنسانية والتاريخ يُخبرنا عن هزائمها بسقوط الإتحاد السوفييتي وتشتت الشيعة وعقائدهم الملونة التي تجتمع على الاغتيال والدمار وانتهاك أجساد النساء والحرب على الإنسانية التي تواجهها الماسونية بعد الكشف عن بروتوكولات حكماء صهيون والمنظمة السرية الكبرى ( ماسون ) ..
راق لي جدا تصوير الدكتور مصطفى محمود عن تلك الآراء الجاهلية للتيارات الحديثة من مثقفي هذا الزمان سواء من الغرب أو من الفطريات التي خرجت بأفكارها الفارغة من الفكر من بين أفراد هذه الأمة والتي تقضي بأن محمد صلى الله عليه وسلم ما هو إلا شخص مثل جيفارا وأن الإسلام ما هو إلا حركة ثورية مما ينفي قصة جبريل ونزول القرآن عبر الوحي مما يسلب الرسول الأعظم أية قداسة أو عِصمة
وهنا سيتهمونني بالتحجر وأنني بدوي زنيم أحارب حرية التعبير وأخنق كلام البشر في حلوقهم عندما أرفض كأي مسلم وكأي إنسان هذا التصوير الهزيل العاري من العقلانية والعلمية ..
سأقبل كوني بدوياً فلا عيب في أن ينتمي الإنسان الى منبعه دون تعصب أو عنصرية لفئة بعينها ..
إنما حرية التعبير من المفروض أن تكون متساوية لجميع الأطراف خاصة في الحوارات الفكرية .. ولكن تلك الفئة الماسونية من المثقفين ( المثقوبين ) العرب ترفض أن نناقش أفكارها وكأنها من وحي الله تعالى بينما يستبيحون لأنفسهم تسفيه ديننا وشتم نبينا على نحو ما ورد من المنحطة فكرياً  ( وفاء سلطان ) لمجرد أنها تمنعهم من العودة الى السلوك الحيواني في الحياة وتفرض القيود على نزواتهم التي تشطب الفروقات بين الآدمي والقرد أو حتى الخنزير ( أكرمكم الله ) أريد من كل هذه التيارات أن تطرح أفكارها ..  
كل تلك التيارات سواء في السعودية أو الخليج عامة أو حتى في الدول العربية الى ماذا تهدف .. ؟
حرية العلاقات الجنسية وإباحة الخمر لتكون الخمارات والملاهي مفتوحة كالمساجد على مدار الساعة .. وماذا ؟
هذا كل شيء .. وهذا ما يسمونه بالحرية على الرغم من أن الغرب نفسه وفي كثير من الدراسات ينصح النساء الغربيات بالاحتشام مثل المسلمات الملتزمات لتقليص الفساد الكبير الذي يستشري في أركان الأسرة الغربية ..
دعوني هنا ومن باب ما أعطاني الله تعالى من علمٍ بسيط وما أطلعني عليه سبحانه من قراءاتي أن أناقش تلك الأفكار والحيثيات التي ينتقدون منها رسولنا صلى الله عليه وسلم ..
محمد .. بشر .. نعم ..
بشر مثلنا وليس مثلنا .. والإجابة سهله .. فهو بشر لأنه من البشر .. ويختلف عن البشر بصلته بالملكوت الأعلى وهذا صريح في قول الله تعالى على لسان نبيه ( إنما أنا بشر مثلكم يُوحى إلي ) هو يتصل بالسماء ونحن في أسفل مجاهل الإدراك والتفكير ببساطة لأننا نتعلم من بشرٍ مثلنا بينما هو يعلمه ملك الملوك وقاصم الجبابرة وشتان بين مدارسنا والملكوت الأعلى ..
نحن نتبع المحسوس والملموس ولا نكاد نصل الى تلك المعايير الكهنوتية إلا في الأحلام أو الكرامات النادرة والنبي يجلس على مائدة الربانية كما يقول العَالِمُ الجليل مصطفى محمود .. من هذا المبدأ هو معصوم
وهذه مسلمات وإيمانيات لا تتزحزح عند أي مؤمن .. ولكن السواد الأعظم من معشر (المثقوبين ) لا يؤمنون بذلك لأن عصر المادة تسلل الى كل شيء حتى جعل الإنسان يظن نفسه أذكى وأفطن إذا تكلم عن سيد البشر أجمعين كما يتكلم عن جون كينيدي أو أبراهام لينكون .. هذا هو الإطار العلمي لترهاتهم ..
لأن كل نبي مصلح .. ولكن ليس كل مصلحٍ نبي والتطوير والإصلاح ليسا أبداً جوهر النبوة إنما أساس النبوة هو التواصل مع الله تعالى ..
يقولون أن محمد درس في الغار عندما اعتزل فيه بروليتاريا قريش ..
هذا سخف !
دعوني أسألكم هنا سؤالاً ..
لماذا لم تقولوا أن يسوع في خلواته البرية كان يدرس بروليتاريا اليهود ؟ ..
أو نفس السؤال عن إبراهيم أو حتى موسى ؟
أم أن حرية التعبير وبيروقراطية الليبرالية مخصصة فقط ضد محمد والإسلام ؟
وسوف يقول أحدهم :
لماذا لا نعتبر محمداً عبقريا أو سياسيا محنكاً .. فقط ؟
محمد لم يهدف أولا الى التغيير الطبقي .. وكذلك في تأمله كان يخلو للتواصل مع القوى ماوراء الطبيعية ..
نعم .. يريد التواصل مع الله ..
وهذا كما ستقولون هو حلم كل الفلاسفة ..
 وسأقول لكم نعم ..
وستجيبونني : لماذا إذاً يكون نبياً ؟
وهنا سآخذ معكم منهجاً مختلفاً ولن أضع لكم معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم فهي مكدسة في كتب السيرة ولكم أن تطالعوها فليس لي نية في النقاش ضمن دائرة الخوارق التي تخالف المبدأ العلمي الساذج الذي تمتهنونه في نقدكم لشخص الرسول صلى الله عليه وسلم .. حتى النبي الأعظم نفسه يقول :
إنما أنا منذر ولست بصانع معجزات ..
يتفق كل العلماء النظريون منهم والتطبيقيون على أساس علمي موحد وهو أنه عندما يجيد الإنسان صفةً ما مثل الخطابة أو الفروسية أو غيرها حد التفوق فيها وعدم وجود منافس له .. هذه عبقرية ..
وهنا مبدأ علمي لا غبار عليه ..
ولكن ماذا لو جاء شخص يجيد كل الصفات الإنسانية بدرجة الامتياز والتفوق وصولاً الى الكمال ؟
هل سنقول عبقرية ؟ ..
وهل ستكفي ؟ ..
 ستقولون عبقري مضروباً في عشرة أو مائة أو حتى مليون ؟
عندي جواب أسهل بكثير ..
 إنه نبي ..
الذروة في الشعر = المتنبي
الذروة في الحكمة = لقمان
الذروة في القيادة العسكرية = خالد بن الوليد ونابليون بونابرت
الذروة في الزعامة وتغيير الناس = هتلر وعبد الناصر والملك فيصل بن عبد العزيز
الذروة في الإنجاز = عبد الرحمن الداخل ( صقر قريش )
ومحمد صلى الله عليه وسلم جمع الكمال في كل ما سبق وزاد عليه جوامع الكَلِم وهذا هو الإعجاز ..
أعزائي ..
كم من ليبراليٍ يقارع الخمور ليلاً ويأتي الصباح ليتحدث عن العقلانية والمنطق والحرية .. !!
وكم من ليبراليةٍ تصهل في الصباح عن حقوق المرأة ووجوب خروجها من تحت سيطرة الرجل وفي الليل ترفع ساقيها لكل الرواد من الرجال في ملهى الاحتيال والتناقض البشري ..
ماذا فعل الليبراليون ؟ ..
لازلنا كعرب في أخر طابور الحضارة والتصنيع والريادة في العلوم الإنسانية لم نتفوق سوى في الدعارة والفضائحيات وقنوات اللحم الرخيص ..
محمد صلى الله عليه وسلم صنع دولة حضارتها باقية الى الأبد من لاشيء ( شراذم متفرقة تقطع الطريق وتتناحر فيما بينها وتتفاخر بالأحساب والأنساب وتدفن البنات في التراب وتعبد الأحجار والأخشاب ) وبعد أن تركنا ما جاء به محمد نحن في هذا الزمن نعود الى ذات الشراذم ..
الأب الحنون والقائد المغوار والسياسي المحنك والمقاتل الفذ والمصلح العظيم والروحاني الفطري .. كل هذه الصفات لم تجتمع بآدمي سوى محمد صلى الله عليه وسلم .. وهذا هو الإعجاز ..
من كل ما سبق لابد أن نقول بأننا لسنا أمام لينكون أو كنيدي  كما يدعي منعدموا التبصر والبصيرة من دعاة المادية وأرباب العلمية دون عِلم .. بل إننا أمام معجزة حقيقية صورها الله تعالى في شخص محمد صلى الله عليه وسلم ..

 عبيد خلف العنـزي - البارون

ليست هناك تعليقات: