يعتبر العرب من أكثر الشعوب عاطفية ولديهم حنين عجيب لأزمنة
الزعامات فهم بالأساس عشائر وقبائل وأي أنظمة سياسية ليس فيها زعامات لا تستمر لدى
العرب في الغالب ..
ومن هذا المنطلق ظهر الكثير من الذين مارسوا تلك الزعامات وعاثوا
بالأوطان فسادا وخربوا مستقبل البلاد والعباد من أمثال القذافي وحافظ الأسد وعبد
الناصر وأمثالهم من التقدميين الذين يبررون الفاشية بدعوى (القومية للأمة العربية)
بينما تتركز ممارساتهم في ترسيخ وطأة أحذيتهم على أعناق البشر.
وهذا المثال جعل إيران التي تواجه كراهية عامة لأعجميتها عند
السواد الأعظم من العرب تنتهج ذات النهج فتطبل لقائد المقاومة والممانعة حافظ
الأسد ثم ابنه بشار رغم أنهما لم يمتلكا شجاعة إطلاق رصاصة على العدو الإسرائيلي
لأكثر من أربعين عاما منذ فض الاشتباك في حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 م ..
ثم استطاعت القوى السياسية الداعمة للشيعة من الليبراليين العرب في
أن تمنهج نقل لقب المقاومة من أبناء الشعب الفلسطيني (الذين يقاومون المحتل فعليا)
إلى حلف الرذيلة في سوريا ولبنان والذي ترضعه إيران حليب الصفوية وتصدير ثورتها
الإجرامية
مما ساهم في سهولة صناعة الدمى الحزبية والفزاعات السياسية لدى قوى
الشيعة التي بدأت تنفضح بعد ممارسات حركة (أمل) بقيادة نبيه بري الذي ساهم في
تنفيذ جرائم طائفية ضد (السنة) في لبنان وضد العرب من الفلسطينيين في المخيمات
فكان واجبا على التيار (الصفيوني) أن يجد البديل بعد استحواذ الخميني على السلطة
في إيران بعد الثورة ضد الشاه عام 1979 م
جاهدت تلك القوى في محاولة تلميع نبيه بري وحركته المسلحة إلا أن
الصحافة البريطانية والعربية كشفت حقيقة جرائمه ضد الإنسانية وممارساته الطائفية
في الحرب اللبنانية
هنا تم إرضاء ذلك الفريق الإجرامي برئاسة مجلس النواب ومنح رئاسة
الوزراء إلى السنة بينما رئاسة الجمهورية للموارنة (النصارى)
ثم جاء اتفاق الطائف التاريخي في عهد الملك فهد بن عبد العزيز آل
سعود رحمه الله لتعزيز تلك الهيكلة ودعم استقرار لبنان وإنهاء الحرب الأهلية.
كل ذلك كان يهدد بخروج لبنان عن المسار الذي حددته قوى الشيعة في
إيران والتي دعمت قبل ثورة الخميني وبعدها كل ممارسات حركة أمل مما جعل الموقف
يحتاج إلى مسار مختلف تماما.
هنا قام صبحي الطفيلي بالتعاون مع نبيه بري بإنشاء حركة من داخل
حركة أمل وسموها حزب الله ليكون (الطفيلي) الأمين العام الأول لذلك الحزب.
ثم ظهرت شخصية حسن نصر الله بعد أن عاد من رحلته في قم والنجف عبر
أحداث أدت إلى اعتقاله من قبل نظام الراحل صدام حسين ثم طرده ليعود إلى لبنان
محملا بالمخططات الإيرانية والأجندات التي استوجب عليه تنفيذها في لبنان والمنطقة.
انتهج حسن نصر الله في بداية خطاباته نهج الموادعة لكل التيارات
السياسية والقوى الدينية في لبنان إلا أنه قد أعلن في أحد خطاباته مطلع الثمانينات
بأنه: يفتخر بكونه جنديا في ولاية الفقيه وإمام الزمان ونائبه (الخميني)
بكل صدق أقولها أنني ومنذ رأيت وجهه في شبابي أواسط الثمانينات
ومطلع التسعينيات أيقنت بأنه مجرد محتال جديد يستخدم الشعارات كما كان يفعل عبد
الناصر الذي دوخ الأمة بشعارات الوحدة والعروبة وهو يمارس أشد التنكيل بالتيارات
المخالفة له ويسرق قوت المصريين بدعوى الحشد ضد إسرائيل
كانت مهمة حسن نصر الله الأساسية هي انتزاع صفة (المقاومة) من
أهلها الأصليين المناضلين الفلسطينيين ولبس عباءة (الممانعة) ورفع شعارات فلسطين
على أعناق العباد ليعبر من خلالها إلى ترسيخ الهدف الإيراني الأصلي وهو تصدير
الثورة الصفوية إلى دول المنطقة.
ومع انعدام وسائل الإعلام الحالية في تلك فترة أواخر الثمانينات
كان العرب موعودين بخطيب جديد ينعق (بما لا يعقل) على رؤوسهم في تلفزيون لبنان.
وبدأ نصر الله تأجيج العرب على المناضلين الفلسطينيين بعد قيام ياسر
عرفات بعمل أنشطة مسلحة في الأردن عجلت بتطور الخلاف بينه وبين الملك حسين رحمه
الله وهروب عرفات عبر ليبيا إلى مصر ثم إلى فلسطين المحتلة.
ساهمت تلك الممارسات الطائشة لأبي عمار في المزيد من القبول
السياسي لحركة المجرمين لما بعد (حركة أمل / حزب الله) فقامت فصائل نصر الله
بالعمليات ضد الفلسطينيين بدعوى انهم يريدون التحالف مع العدو الصهيوني بينما
الهدف الحقيقي هو المزيد من إقصاء المقاومين ليكون حسن نصر الله (مسيلمة الكذاب)
وجماعته الإيرانيين وحليفهم حامي حمى إسرائيل (حافظ الأسد) هم الرمز للمقاومة والممانعة.
ونجحت تلك العمليات ورسخ نصر الله جهوده لعمل هجمات متباعدة ضد
إسرائيل حفاظا على ماء الوجه بعد كثرة ما قتل من الفلسطينيين في المخيمات مكملا مشوار
(نبيه بري) ومسيطرا على مقاليد ومسارات السلاح من وإلى سوريا بعد قيام سوريا باحتلال
لبنان بعد انتهاء الحرب الأهلية بالتعاون مع العماد ميشيل عون.
قيام إيران عبر نفوذها الكبير على بشار الأسد بعد ذلك نجح كثيرا في
استمالة ميشيل عون وعودته إلى لبنان بعد اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري على يد
جماعة حزب الله عام 2005 م بعد أن هدد مشروعه التنموي للنهضة بلبنان الوجود
الإيراني والذراع الخامنئي في الضاحية الجنوبية التي تعتمد على استنزاف مدخرات
ودماء الشعوب بشعارات فلسطين والمقاومة لتنفيذ أجندات التوسع الإيراني.
عندما تم اختطاف الجندي الصهيوني (جلعاد شاليط) ضمن فصول مسرحية
حرب تموز عام 2006 م لم يخطر ببال نصر الله أن الرد الإسرائيلي سيكون بتدمير لبنان
والقضاء على البنية التحتية له بعد ضرب المطارات والأبراج وخزانات الوقود والجسور
وبقي نصر الله يخرج بخطابات رنانة تدل على الكم الهائل من الكذب وانعدام الآدمية
لدى ذلك المجرم.
الذي يعتبر هلاك وتدمير لبنان انتصارا إليها على العدو الصهيوني في حرب لم تفقد فيها
إسرائيل سوى عدة جنود وآليات تعد على أصابع اليد الواحدة بينما فقد فيها لبنان
كافة خيراته ودفاعاته وخسر مراحلا متقدمة في مسيرته التنموية وكل هذا لصرف انتباه
الناس عن جريمة اغتيال رفيق الحريري وإعادة تلميع صورة حسن نصر الله أمام الناس
كقائد للمقاومة بدلا من كونه مجرما يتزعم مليشيات غير شرعية تمارس كافة أنواع
الأعمال التخريبية والإرهابية وجرائم ترويج المخدرات والدعارة في الضاحية الجنوبية
بفتاوي خامنئي ومن قبله الخميني التي تبيح في ديانة الشيعة كل الرذائل وتعتبرها
جزءا من العقيدة ..
بكل أسف صدقت تيارات عديدة تلك الدعايات التي لمعت صورة كاهن
إيراني يتزعم مليشيات لبنانية تعمل وتمارس الجريمة المنظمة ضد كل ما ومن يخالف
توجهات سادته في طهران ..
ولكن هذا التلميع لم يدم طويلا وخاصة بعد الثورة السورية ضد نظام
البعث بقيادة بشار الأسد الحليف الكبير لنصر الله وسادته في طهران.
فما إن اشتعلت الثورة حتى كشف نصر الله القناع عن وجهه البغيض وانضم
إلى بشار في تصفية وتهجير الشعب السوري منذ عام 2011 م وحتى اليوم
ولم يتورع بشار الأسد عن استجلاب كل شذاذ الآفاق من أتباع الملالي الشيعة
من جميع أنحاء الشرق بدءا بإيران وباكستان والقوقاز في سبيل القضاء على ثورة الشعب
السوري.
بل إنه تمادى في الغي بأن استخدم الأموال التي كان يستنزفها من
الشعب السوري طوال فترة حكم والده وحكمه بذريعة تقوية الجيش السوري لمحاربة
إسرائيل في أن يمارس جيشه التنكيل وبكل العتاد (حتى السلاح الكيماوي) على المدنيين
في المدن السورية.
وهنا ظهرت حقيقة نصر الله الذي أعلن أن وجوده (الغير شرعي) في
سوريا هو لحماية لبنان.
وتساءل العالم كيف تكون حماية لبنان بقتل السوريين ..
ولم يجدوا إجابة إلا أن نصر الله كان طوال الوقت يكذب عليهم وبأن
كل كلامه عن المقاومة والممانعة هو محظ دجل
كانت الحوادث تكشف كل يوم للشعوب العربية وللعقلاء في لبنان أن نصر
الله ليس سيد المقاومة بل هو شيطان يرتدي مسوح الرهبان.
وأنه خميني الأهواء بامتياز.
فقد كان يحرص على اختطاف لبنان وتنفيذ القيود السياسية على شعب
لبنان واستنزاف شبابه في حروب خارجية لا شأن لهم بها فقط لدعم أجندات إيران.
ومارس باقتدار التخريب والقتل لكل مشروع لبناني يريد النهوض باقتصاد
لبنان ويعزز تنوع النسيج الاجتماعي الذي ميز لبنان عن باقي الدول العربية.
في عهد سيطرة الدويلة على الدولة منهج نصر الله عملية قتل المؤسسات
السياسية اللبنانية وفرض الهيمنة بالسلاح على القرار اللبناني.
اعتقد نصر الله بعد مسرحية حرب تموز عام 2006 م أن اللبنانيين
سينسون جريمة قتل رفيق الحريري عام 2005 م وسيصورونه على أنه بطل قومي.
لكن وعي الشارع اللبناني صدم كل تيار المماتعة عندما تم انتخاب
حكومة يترأسها سعد الحريري وأكد اللبنانيون أن خيارهم دوما سيكون لبنانيا وليس إيرانيا.
هنا وكأي مجرم حرب لا أخلاق له قام نصر الله عام 2008 بالانقلاب
الأسود (القمصان السود) وأطلق النار على المدنيين في الشوارع وطرد سعد الحريري من
البلاد وعطل مؤسسات الدولة وجاء بحكومة هزيلة وضع على رأسها نجيب ميقاتي ليدير
البلاد رغما عن أهلها.
مع تداعيات كل حدث يكشف نصر الله عن حقيقة الولاء لإيران وأنه مجرد
تابع وخادم لولاية الفقيه كما صرح هو في كثير من المناسبات.
بل إن ممارساته تكشف لكل المتابعين أن شعارات المقاومة ومصلحة
لبنان هي مجرد أكاذيب ليبقى يستنزف المزيد من دماء شباب لبنان في حروب لا ناقة لهم
فيها ولا جمل فلم يكن هناك تهديد على لبنان من الإرهاب إلا عندما قرر حزب الله ان
يخوض الحرب في سوريا دون غطاء سياسي لبناني وخارجا عن إطار كل الأعراف الأخلاقية
قبل الدولية مما يؤكد أن تلك المليشيات ما هي إلا ذراع صفوي يستهلك طاقة لبنان
لصالح إيران.
بهذا الفكر الصفيوني كان من الطبيعي أن يقوم حزب الله بقتل رفيق
الحريري الذي يريد بناء دولة تعددية معاصرة ذات فكر حر مستقل مما يهدد الفكر
الإيراني الذي ينص على تصدير الثورة وسرقة دماء الشباب ومدخرات الشعوب لتنفيذ
عمليات الإرهاب والحروب الخارجية لصالح دولة تعلن رسميا مشروعها لضرب المنطقة
العربية واحتلال مقدرات الشعوب باسم المهدي المسردب.
بقي على أهل لبنان ان يستيقظوا من أوهام كذبة المقاومة والممانعة
ويدركوا بقية شبابهم قبل ان يبيدهم نصر الله في حروب (الحسين) وآل البيت (حروب
الأموات والأضرحة) التي لا تغني ولا تسمن من جوع.
فليس من المعقول أن يباد كل العرب من أجل (الحسين) الذي اختار أن
يكون مظلوما شهيدا دفاعا عن دين الله وليس دفاعا عن الخميني وخامنئي ..
على اللبنانيين أن يتذكروا رفيق الحريري وباسل فليحان ووسام الحسن
الذي كانوا مشروع لبنان وليس مشروع إيران ..
الشباب اللبناني الذي اجتهد في صناعة الإدارة والإبداع في العالم
عليه أن يساهم في نهضة بلاده وليس في أن يموت في حروب وشعارات نصر الله وزبانيته.
لبنان التعددي الجميل باجتماع فصائله وطوائفه على أنهم لبنانيون لا
ينهض بالموت من أجل الحسين وفي سوريا واليمن والعراق.
لبنان ينهض عندما يبني اللبنانيون بلادهم بأنفسهم ولا يسلمون
الدولة لبلطجة الدويلة.
من المعيب جدا ان نصدق عمامة نصر الله التي لم تأتي على لبنان إلا
بالخراب وقتل الشباب والتعطيل لمؤسسات الدولة والتنمية.
يقول عيسى عليه السلام: من بضاعتهم تعرفونهم
فماذا باعكم نصر الله إلى اليوم سوى الموت والمخدرات والدعارة في
الضاحية الجنوبية ودولة تتخبط في الفراغ وليس لها محيط سياسي ينقذها اقتصاديا
وسياسيا ..
تذكروا أيها اللبنانيون أنه حتى بعد مسرحية تموز عام 2006 م لم
يكلف نصر الله نفسه بأن يطلب من سادته في طهران أن يساهموا في تعمير لبنان ولو من
باب ذر الرماد في العيون.
بل قامت السعودية والكويت والإمارات بإعمار لبنان الذي خربه نصر
الله ..
إن الوطني الحقيقي هو من يحافظ على بلاده ويقدم التنازلات ولو على
حساب وجوده السياسي لحماية لبنان وليس الوطني هو من يختطف شباب لبنان ليرمي بهم في
أتون حروب لا تعنيهم كما أن الأضرحة والقبور لن تبني لبنان.
أمثال نصر الله وأتباعه يهدمون الأوطان على رؤوس من فيها ..
لقد قدم نصر الله المثال الحقيقي للكذب والافتراء على الله وعلى
عقيدة الإسلام بل إنه مارس الدجل السياسي والخداع لكل العرب والمسلمين وفضحته
أعماله وتناقضاته وتقاطع مصالحه ومصالح سادته في إيران مع العدو الصهيوني
(إسرائيل) في كثير من المواقف.
حسن نصر الله اليوم هو بامتياز مسيلمة الكذاب في هذا الزمان.
والأكثر عجبا أن يكذب ويعلم أنه يكذب ويعلم أننا نعلم أنه يكذب ومع
هذا يستمر في الكذب ويصدق ما يقول.
ربما حان الوقت للعرب اليوم أن يتركوا الشعارات ويتأملوا في
المواقف والأفعال.
دعونا من مسوح الرهبان ولنرى بإنسانية دماء الأبرياء التي يسفكها
نصر الله وجماعة إيران وهم يصرخون: يا حسين.
ولو كان الحسين حيا ورأى ما يفعلون لجمعهم في حفرة وأوقد بهم النار
كما فعل والده علي بن أبي طالب بأسلافهم من الخوارج.
عبيد خلف العايد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق