الثلاثاء، 11 أكتوبر 2016

مـرحـبا جـاسـتا



نهضت أمريكا على حلم القوة بعد إنتكاستها الإقتصادية الثانية في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي ..
في تلك الفترة التي تزامنت مع ظهور شخصيات أسطورية على رأسها ( سوبرمان ) لتجسد هيمنة أمريكا على القوة في كوكب الأرض ..
فسوبر مان غريب جاء من كوكب كريبتون ليصبح أقوى مخلوق على وجه البسيطة وكذلك حال أمريكا التي تأسست على أيدي غرباء هاجروا على عائلات مضطهدة عنصريا وإقتصاديا في أوروبا إلى العالم الجديد ليحكموا أرضا أبادوا شعبها الأصلي عن بكرة أبيهم
هذه الغطرسة الأمريكية لم تعد حكرا على حكومة البيت الأبيض اليوم بعد إعتماد مجلس الشيوخ الأمريكي قانون ( جاستا ) ضد الدول راعية الإرهاب في العالم ..
وينص هذا القانون على أن من حق ذوي ضحايا هجمات الحادي عشر من أيلول سبتمبر عام 2001 م أن يقاضوا جهات رسمية ودولا بأسرها وطلب التعويضات ..
هذا القنانون يشابة في كثير من النواحي الكذبة الأسطورية ( الهولوكوست ) عن محرقة النازيين لليهود والتي جعلت ألمانيا لعقود طويلة تركع تحت عبء التعويضات لليهود بسبب قرارات محاكم جرائم الحرب ضد النازيين ..
ودون التعمق في دلائل التورط الجنائي سواء في داخل أمريكا أو خارجها عن من سهل ويسر لقراصنة أيلول جريمتهم يجب أن نتذكر أننا نتحدث هنا عن أمريكا .. وما أدراك ما أمريكا ..
أمريكا التي نفذت مخابراتها إغتيال الرئيس جون كينيدي عام 1963 م لمجرد أنه يعارض مساعي أمراء الحرب في البنتاغون ..
أمريكا التي قتلت حوالي مليونين من البشر في هيروشيما وناجازاكي عام 1945 م بعد نهاية الحرب العالمية الثانية فقط لتجربة سلاح جديد وتأكيد مبدأ أقوى دولة في العالم
أمريكا التي دمرت فيتنام في حرب دامت عدة سنوات كلفت الأمريكيين والفيتناميين الأرواح والأموال الطائلة فقط للبطش بشعب أثبت أنه لا يهزم أمام الغطرسة والهيمنة بفوهة البندقية ..
وهذا ليس كل مافي الأمر ..
إن القائمين على إطلاق قانون ( جاستا ) هم بالتأكيد من الغباء بما يكفي لنسيان تاريخ أمريكا الأسود في العالم ..
أو أنهم قد إنتشوا بالقوة والغرور لدرجة عدم إكتراثهم لأي بشر في العالم ..
خصوصية الدول وحصانتها التي يهدمهم هذا القانون ليست فقط مبررا لسادة الحكومة الأمريكية لشن حرب على أي دولة في العالم .. بل إن هذا القانون يضع أمريكا في دائرة الخطر ..
حيث أن كل الشعوب المتضررة من ممارسات وحروب الولايات المتحدة ستكون قادرة وفق هذا القانون على عدم إحترام حصانة أمريكا نفسها وبالتأكيد من عانوا من الويلات في حروب أمريكا وحلفائها في كل دول العالم هم أكثر بكثير من الآلاف الثلاثة القتلى في هجمات أيلول عام 2001 م وذويهم ..
إن ذوي مليونين من اليابانيين ومليون عراقي وقرابة النصف مليون فلبيني وآلاف اللبنانيين والصوماليين سيسعدون كثيرا بمقاضاة أمريكا وفق حيثيات ومتلازمة هذا القانون الذي أقره مجلس الشيوخ الأمريكي ..
فإن ( جاستا ) الذي يحاكم الدول والجهات راعية الإرهاب والمسؤولة عن ما حدث في أيلول الأسود سيكون هو نفسه الذريعة في أن تقف أمريكا لتواجه تبعات وعواقب كل رصاصة أطلقتها في أي دولة حول العالم ..
ولن يكون حال أمريكا وحليفتها إسرائيل بخير من حال النازية في محاكم ( نومبورغ ) لأن النازية على بشاعتها وبطشها لم تقتل ذلك العدد الذي قتلته أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وفرنسا حول العالم
إن سكرة القوة لا يجب أن تأخذ أمريكا إلى حيث ما لا يحمد عقباه ..
هذا القانون الذي يظهر لنا على أنه عمل إنساني لتعويض المتضررين من هجمات أيلول إنما هو البوق الذي نفخه ( البربريون ) في الكونجرس الأمريكي لإذكاء حرب جديدة موجهة ضد الشرق الأوسط تماشيا مع التغييرات التي حدثت مؤخرا في المنطقة ..
بعد أن قام محور الشر ( إيران – حزب الله – سوريا ) كما تسميهم أمريكا بأن إرتموا في أحضان الشيطان الأكبر ( كما يسمون هم أمريكا )
هذه النغمة الجديدة والتي تماشت مع بربرية الدب الروسي في سوريا وقصفه للمدنيين فيها هي كعادة أمريكا في التجهيز لحرب جديدة لأسباب لا وجود لها كالعادة وكما حدث إبان إحتلال العراق عام 2003 م تحت مزاعم وجود أسلحة دمار شامل بينما في الواقع كان الإحتلال هو للقضاء على نظام صدام حسين المعادي لإسرائيل وتسليم العراق للذنب الصهيوني في المنطقة جمهورية اللطميات ( إيران )
لذلك على كل دول العالم أن تفرح بهذا القانون لأنه يمكن المتضررين فعليا من حروب الإمبريالية الأمريكية في أن يقاضوا البيت الأبيض ويأخذوا التعويضات عن عقود من الموت والخراب ..
طبعا هذا في الحروب المعلنة فهناك حروب المخابرات المركزية الأمريكية وعمليات الإغتيال المنفذة
كما أرجو من المحامين والقانونيين أن يبحثوا عن أحد الناجين أو أن تقوم جهة قانونية معتبرة برفع دعوى على الشعب الأمريكي نفسه في قضية إبادة ما يقارب من ثمانين مليون من سكان أمريكا الأصليين ( الهنود الحمر )
ربما حينها فقط يدرك ( المخابيل ) في مجلس الشيوخ أنهم كمن يطلق النار على نفسه
وإلى ذلك الحين .. دعونا نقول :
مرحبا ( جاستا )


عبيد خلف العنزي

أكتوبر 2016 م

ليست هناك تعليقات: