السبت، 26 ديسمبر 2020

الـتـنـمر

 
أي جيل سنصنع اليوم ؟
سؤال يجب أن نوجهه إلى كل المسؤولين عن سن القوانين لدينا ..
بماذا نسلح أطفالنا عندما نرميهم أمام شاشات الهواتف والألعاب الإلكترونية ، فيعيشون عالما إفتراضيا من الشخصيات التي يبتكرها "المخابيل" في أمريكا وأوروبا واليابان
كيف نجعلهم يدخلون تحديات الألعاب ويتابعون المحتوى الرديء والفارغ الذي يقدمه 90% من مشاهير تطبيقات التواصل الإجتماعي ، والذين ينحصر كل ما يقدمونه في التعليقات الساخرة والألفاظ البذيئة
وبعد كل هذا الخواء الذي نحغره في نفوسهم ، نخترع لهم قانون التنمر !!
أي سذاجة هذه ؟!
بل أي ضيق أفق هذا ؟!
عندما يكون التعليم بمناهج قشورية تحتاج إلى تصحيح وإعادة هيكلة ، ثم يأتي بعدها إعلام هابط يقلد المحتوى الأمريكي والتركي بأقل القليل من القيم والملابس ، ثم يكتمل الثريد بجوقة من السذج والتافهين وبائعات الهوى على منصات التواصل الإجتماعي
جيل كهذا يحتاج إلى من يساعده في تعلم صعوبات الحياة ، يحتاج إلى مواجهة الحياة وليس الإختباء عنها وراء عالم إفتراضي من الألعاب والمتردية والنطيحة في التواصل الإجتماعي
وليس قانونا يجعله ينزوي ويهرب وهو يجر أذيال الخيبة كلما إنتقده أحد أو واجه صعوبة ما
راجعوا أنفسكم وأنتم تجهزون جيلا من المدللين النواعم
لأن هذا الجيل بالتأكيد لن يفرز أبطالا حقيقيين مثل الذين في الحد الجنوبي
بل سيكون لديكم جيل من " صوير وعوير ، واللي ما فيه خير "
" قال تنمر قال .. "

عـندي Game

 

كان يا ما كان في قريب الأزمان ، كنا نعتبر نداء الأب مثل نفير الحرب

إما أن تلبي أو أن تعتبر مرتكبا لكبيرة التولي يوم الزحف ، فالأب سيد الدار وعامودها وبه تستقيم أمور الحياة بعد عناية الله تعالى

اليوم من يتقلدون منصب الأبوة يعانون من ضياع الرتبة ، وميوعة المنصب ، فلا الدار دار ولا ساكنيها من الأحياء

تجد العقوق الصامت عندما يحمل الأب حوائج المنزل بيديه أو على كتفيه ، بينما أولاده إما يدسون رؤوسهم في هواتفهم أو شاشات ألعابهم

وحين ينادي منادي بر الوالدين يأتي الجواب :

" عندي  Game " ، الفتى أو الفتاة في لعبة ، واللعبة ليست خوض غمار حملة إنتخابية أو رسالة علمية أو حتى قضية في مجلس الأمن ، لعبة إلكترونية تشتمل على مراحل وتحديات لا تنمي سوى الهوس ولا ترفع سوى الهذيان ولا تقدم في معيار الحياة ولا تؤخر

الرابح الوحيد في هذه اللعبة هو مبرمج الألعاب الذي يقدم وسيلة لشحذ العواطف والإنفعالات في الهواء ، بينما إبنك أو بنتك يستهلك الوقت حرفيا دون فائدة

ختمت اللعبة ، تجاوزت المراحل هزمت الأعداء .. ثم ماذا ؟

لا شيء ..

حياة إلكترونية جوفاء ، وجيل غير قادر حتى على صياغة عبارة صحيحة دون ألفاظ نابية ، وعند إنتقادهم يكون الرد البليد :

هذا تنمر

نحمد الله على أننا قدمنا لأهلنا البر وإن كنا مقصرين ، لأن أولادنا دون شك لن يقدموا لنا سوى حالات الإنفصام و

وعندما يفيقون من سكرتهم سيجيبون بكل غباء :

" عندي Game "